موقع شبكة الاسلام
41

سورة سُورَةُ فُصِّلَتۡ

مكية - 54 آيات

تفسير: معالم التنزيل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ حمٓ ﴿1﴾

التفسير:

مكية " حم "

تَنزِيلٌۭ مِّنَ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴿2﴾

التفسير:

" تنزيل من الرحمن الرحيم "، قال الأخفش : ((تنزيل)) مبتدأ، وخبره قوله عز وجل:

كِتَٰبٌۭ فُصِّلَتْ ءَايَٰتُهُۥ قُرْءَانًا عَرَبِيًّۭا لِّقَوْمٍۢ يَعْلَمُونَ ﴿3﴾

التفسير:

( كتاب فصلت آياته ) بينت آياته ، ( قرآنا عربيا لقوم يعلمون ) : اللسان العربي ، ولو كان بغير لسانهم ما علموه ، ونصب : " قرآنا " بوقوع البيان عليه أي : فصلناه قرآنا .

بَشِيرًۭا وَنَذِيرًۭا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴿4﴾

التفسير:

( بشيرا ونذيرا ) نعتان للقرآن أي : بشيرا لأولياء الله ، ونذيرا لأعدائه ، ( فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون ) لا يصغون إليه تكبرا .

وَقَالُوا۟ قُلُوبُنَا فِىٓ أَكِنَّةٍۢ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ وَفِىٓ ءَاذَانِنَا وَقْرٌۭ وَمِنۢ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌۭ فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَٰمِلُونَ ﴿5﴾

التفسير:

( وقالوا ) يعني مشركي مكة ، ( قلوبنا في أكنة ) في أغطية ، ( مما تدعونا إليه ) فلا نفقه ما تقول ، ( وفي آذاننا وقر ) صمم فلا نسمع ما تقول ، والمعنى : إنا في ترك القبول عندك بمنزلة من لا يفهم ولا يسمع ، ( ومن بيننا وبينك حجاب ) خلاف في الدين وحاجز في الملة فلا نوافقك على ما تقول ، ( فاعمل ) أنت على دينك ، ( إننا عاملون ) على ديننا .

قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌۭ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌۭ وَٰحِدٌۭ فَٱسْتَقِيمُوٓا۟ إِلَيْهِ وَٱسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌۭ لِّلْمُشْرِكِينَ ﴿6﴾

التفسير:

( قل إنما أنا بشر مثلكم ) يعني كواحد منكم ولولا الوحي ما دعوتكم ، وهو قوله : ( يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد ) قال الحسن : علمه الله التواضع ، ( فاستقيموا إليه ) توجهوا إليه بالطاعة ولا تميلوا عن سبيله ، ( واستغفروه ) من ذنوبكم ، ( وويل للمشركين ) .

ٱلَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلْءَاخِرَةِ هُمْ كَٰفِرُونَ ﴿7﴾

التفسير:

( الذين لا يؤتون الزكاة ) قال ابن عباس : الذين لا يقولون لا إله إلا الله وهي زكاة الأنفس . والمعنى : لا يطهرون أنفسهم من الشرك بالتوحيد . وقال الحسن وقتادة : لا يقرون بالزكاة ، ولا يرون إيتاءها واجبا . وكان يقال : الزكاة قنطرة الإسلام فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك . وقال الضحاك ومقاتل : لا ينفقون في الطاعة ولا يتصدقون . وقال مجاهد : لا يزكون أعمالهم ( وهم بالآخرة هم كافرون ) .

إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍۢ ﴿8﴾

التفسير:

( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون ) قال ابن عباس : غير مقطوع . وقال مقاتل : غير منقوص . ومنه " المنون " ؛ لأنه ينقص منة الإنسان وقوته ، وقيل : غير ممنون عليهم به . وقال مجاهد : غير محسوب .وقال السدي : نزلت هذه الآية في المرضى والزمنى والهرمى ، إذا عجزوا عن الطاعة يكتب لهم الأجر كأصح ما كانوا يعملون فيه .أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن عاصم بن أبي النجود عن خيثمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن العبد إذا كان على طريقة حسنة من العبادة ، ثم مرض قيل للملك الموكل به : اكتب له مثل عمله إذا كان طليقا حتى أطلقه أو أكفته إلي " .

۞ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُۥٓ أَندَادًۭا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿9﴾

التفسير:

قوله عز وجل : ( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين ) : يوم الأحد والاثنين ، ( وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين ) .

وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِىَ مِن فَوْقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَٰتَهَا فِىٓ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍۢ سَوَآءًۭ لِّلسَّآئِلِينَ ﴿10﴾

التفسير:

( وجعل فيها ) أي في الأرض ، ( رواسي ) جبالا ثوابت ، ( من فوقها ) من فوق الأرض ، ( وبارك فيها ) أي : في الأرض ، بما خلق فيها من البحار والأنهار والأشجار والثمار ، ( وقدر فيها أقواتها ) قال الحسن ومقاتل : قسم في الأرض أرزاق العباد والبهائم . وقال عكرمة والضحاك : قدر في كل بلدة ما لم يجعله في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد . قال الكلبي : قدر الخبز لأهل قطر ، والتمر لأهل قطر ، والذرة لأهل قطر ، والسمك لأهل قطر ، وكذلك أقواتها . ( في أربعة أيام ) يريد خلق ما في الأرض ، وقدر الأقوات في يومين : يوم الثلاثاء والأربعاء فهما مع الأحد والاثنين أربعة أيام ، رد الآخر على الأول في الذكر ، كما تقول : تزوجت أمس امرأة واليوم ثنتين ، وإحداهما هي التي تزوجتها بالأمس ، ( سواء للسائلين ) قرأ أبو جعفر " سواء " رفع على الابتداء ، أي : هي سواء . وقرأ يعقوب بالجر على نعت قوله : " في أربعة أيام " ، وقرأ الآخرون " سواء " نصب على المصدر ، أي : استوت سواء أي : استواء . ومعناه : سواء للسائلين عن ذلك . قال قتادة والسدي : من سأل عنه فهكذا الأمر سواء لا زيادة ولا نقصان جوابا لمن سأل : في كم خلقت الأرض والأقوات ؟

ثُمَّ ٱسْتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِىَ دُخَانٌۭ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًۭا قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ ﴿11﴾

التفسير:

( ثم استوى إلى السماء ) أي : عمد إلى خلق السماء ، ( وهي دخان ) وكان ذلك الدخان بخار الماء ، ( فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها ) أي : ائتيا ما آمركما أي : افعلاه ، كما يقال : ائت ما هو الأحسن ، أي : افعله .وقال طاوس عن ابن عباس : ائتيا : أعطيا ، يعني أخرجا ما خلقت فيكما من المنافع لمصالح العباد .[ قال ابن عباس ] : قال الله عز وجل : أما أنت يا سماء فأطلعي شمسك وقمرك ونجومك ، وأنت يا أرض فشقي أنهارك وأخرجي ثمارك ونباتك . وقال لهما : افعلا ما آمركما طوعا وإلا ألجأتكما إلى ذلك [ حتى تفعلاه كرها ] فأجابتا بالطوع ، و ( قالتا أتينا طائعين ) ولم يقل طائعتين ؛ لأنه ذهب به إلى السماوات والأرض ومن فيهن ، مجازه : أتينا بما فينا طائعين ، فلما وصفهما بالقول أجراهما في الجمع مجرى من يعقل .

فَقَضَىٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَاتٍۢ فِى يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِى كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظًۭا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ ﴿12﴾

التفسير:

( فقضاهن سبع سماوات في يومين ) أي : أتمهن وفرغ من خلقهن ، ( وأوحى في كل سماء أمرها ) قال عطاء عن ابن عباس : خلق في كل سماء خلقها من الملائكة وما فيها من البحار وجبال البرد وما لا يعلمه إلا الله .وقال قتادة والسدي : يعني خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها .وقال مقاتل : وأوحى إلى كل سماء ما أراد من الأمر والنهي ، وذلك يوم الخميس والجمعة .( وزينا السماء الدنيا بمصابيح ) كواكب ، ( وحفظا ) لها ، ونصب " حفظا " على المصدر ، أي : حفظناها بالكواكب حفظا من الشياطين الذين يسترقون السمع ، ( ذلك ) الذي ذكر من صنعه ، ( تقدير العزيز ) في ملكه ، ( العليم ) بحفظه .

فَإِنْ أَعْرَضُوا۟ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَٰعِقَةًۭ مِّثْلَ صَٰعِقَةِ عَادٍۢ وَثَمُودَ ﴿13﴾

التفسير:

قوله عز وجل : ( فإن أعرضوا ) يعني : هؤلاء المشركين عن الإيمان بعد هذا البيان ، ( فقل أنذرتكم ) خوفتكم ، ( صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ) أي : هلاكا مثل هلاكهم ، والصاعقة المهلكة من كل شيء .

إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِنۢ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوٓا۟ إِلَّا ٱللَّهَ ۖ قَالُوا۟ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَٰٓئِكَةًۭ فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ ﴿14﴾

التفسير:

( إذ جاءتهم ) يعني : عادا وثمود ، ( الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ) أراد بقوله : ( من بين أيديهم ) الرسل الذين أرسلوا إلى آبائهم من قبلهم ، ( ومن خلفهم ) يعني : ومن بعد الرسل الذين أرسلوا إلى آبائهم الذين أرسلوا إليهم ، هود وصالح ، فالكناية في قوله " من بين أيديهم " راجعة إلى [ عاد وثمود ] وفي قوله : ( ومن خلفهم ) راجعة إلى الرسل . ( أن لا ) بأن لا ( تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ) بدل هؤلاء الرسل ، ( ملائكة ) أي : لو شاء ربنا دعوة الخلق لأنزل ملائكة ، ( فإنا بما أرسلتم به كافرون ) .أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، حدثنا عبد الله بن حامد الأصفهاني ، حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العبيدي ، أخبرنا أحمد بن مجدة بن العريان ، حدثنا الحماني ، حدثنا ابن فضيل ، عن الأجلح ، عن الذيال بن حرملة ، عن جابر بن عبد الله قال : قال الملأ من قريش وأبو جهل : قد التبس علينا أمر محمد ، فلو التمستم رجلا عالما بالشعر والكهانة والسحر ، فأتاه فكلمه ، ثم أتانا ببيان من أمره ، فقال عتبة بن ربيعة : والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر ، وعلمت من ذلك علما ، وما يخفى علي أن كان كذلك أو لا . فأتاه فلما خرج إليه قال : يا محمد أنت خير أم هاشم ؟ أنت خير أم عبد المطلب ؟ أنت خير أم عبد الله ؟ فبم تشتم آلهتنا ؟ وتضلل آباءنا ؟ فإن كنت تريد الرياسة عقدنا لك ألويتنا فكنت رأسا ما بقيت ، وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختار من أي بنات قريش ، وإن كان بك المال جمعنا لك ما تستغني أنت وعقبك من بعدك ؟ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساكت لا يتكلم ، فلما فرغ ، قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بسم الله الرحمن الرحيم : " حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته " إلى قوله : " فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود " الآية . فأمسك عتبة على فيه وناشده بالرحم ورجع إلى أهله ، ولم يخرج إلى قريش فاحتبس عنهم . فقال أبو جهل : يا معشر قريش والله ما نرى عتبة إلا قد صبأ إلى دين محمد ، وقد أعجبه طعامه وما ذاك إلا من حاجة أصابته ، فانطلقوا بنا إليه ، فانطلقوا إليه ، فقال أبو جهل : والله يا عتبة ما حبسك عنا إلا أنك صبوت إلى دين محمد وأعجبك طعامه ، قال : فإن كانت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن طعام محمد ، فغضب عتبة وأقسم أن لا يكلم محمدا أبدا . وقال : والله لقد علمتم أني من أكثر قريش مالا ولكني أتيته وقصصت عليه القصة فأجابني بشيء ، والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر ، وقرأ السورة إلى قوله : " فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود " الآية . فأمسكت بفيه وناشدته بالرحم أن يكف . وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب ، فخفت أن ينزل بكم العذاب .وقال محمد بن كعب القرظي : حدثت أن عتبة بن ربيعة كان سيدا حليما قال يوما وهو جالس في نادي قريش ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس وحده في المسجد : يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد وأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل منا بعضها فنعطيه ويكف عنا ، وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيدون ويكثرون ، فقالوا : بلى يا أبا الوليد فقم إليه فكلمه ، فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا ابن أخي إنك منا حيث علمت من البسطة في العشيرة والمكان في النسب ، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم ، فرقت جماعتهم ، وسفهت أحلامهم ، وعبت آلهتهم ، وكفرت من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قل يا أبا الوليد . فقال : يا ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد شرفا سودناك علينا ، وإن كان هذا الذي بك رئيا تراه لا تستطيع رده طلبنا لك الطب ، ولعل هذا شعر جاش به صدرك . فإنكم لعمري بني عبد المطلب يقدرون على ذلك ما لا يقدر عليه غيركم ، حتى إذا فرغ ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أوقد فرغت يا أبا الوليد ؟ قال : نعم ، قال : فاستمع مني . قال : أفعل ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : بسم الله الرحمن الرحيم : " حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا " ، ثم مضى فيها يقرأ ، فلما سمعها عتبة أنصت له ، وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يستمع منه ، حتى انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السجدة فسجد . ثم قال : قد سمعت يا أبا الوليد فأنت وذاك ، فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ، فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ فقال : ورائي أني قد سمعت قولا والله ما سمعت بمثله قط ، ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة . يا معشر قريش أطيعوني ، خلوا ما بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه ، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم ، فأنتم أسعد الناس به . فقالوا : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه . قال : هذا رأيي لكم ، فاصنعوا ما بدا لكم .

فَأَمَّا عَادٌۭ فَٱسْتَكْبَرُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُوا۟ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا۟ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةًۭ ۖ وَكَانُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا يَجْحَدُونَ ﴿15﴾

التفسير:

قوله عز وجل : ( ( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة ) وذلك أن هودا - عليه السلام - هددهم بالعذاب ، فقالوا : من أشد منا قوة ؟ نحن نقدر على دفع العذاب عنا بفضل قوتنا ، وكانوا ذوي أجسام طوال ، قال الله تعالى ردا عليهم : ( أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون ) .

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًۭا صَرْصَرًۭا فِىٓ أَيَّامٍۢ نَّحِسَاتٍۢ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْىِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ ٱلْءَاخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ ﴿16﴾

التفسير:

( فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا ) عاصفة شديدة الصوت ، من الصرة وهي الصيحة . وقيل : هي الباردة من الصر وهو البرد . ( في أيام نحسات ) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب " نحسات " بسكون الحاء ، وقرأ الآخرون بكسرها أي : نكدات مشئومات ذات نحوس . وقال الضحاك : أمسك الله عنهم المطر ثلاث سنين ، ودامت الرياح عليهم من غير مطر ، ( لنذيقهم عذاب الخزي ) أي : عذاب الهون والذل ، ( في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى ) أشد إهانة ( وهم لا ينصرون ) .

وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَٰهُمْ فَٱسْتَحَبُّوا۟ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَٰعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُوا۟ يَكْسِبُونَ ﴿17﴾

التفسير:

( وأما ثمود فهديناهم ) دعوناهم قاله مجاهد . وقال ابن عباس : بينا لهم سبيل الهدى . وقيل : دللناهم على الخير والشر ، كقوله : " هديناه السبيل " ( الإنسان - 3 ) ، ( فاستحبوا العمى على الهدى ) فاختاروا الكفر على الإيمان ، ( فأخذتهم صاعقة العذاب ) [ أي : هلكة العذاب ] ، ( الهون ) أي : ذي الهون أي : الهوان ، وهو الذي يهينهم ويخزيهم ، ( بما كانوا يكسبون ) .

وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَكَانُوا۟ يَتَّقُونَ ﴿18﴾

التفسير:

" ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون "

وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴿19﴾

التفسير:

( ويوم يحشر أعداء الله إلى النار ) قرأ نافع ويعقوب : " نحشر " بالنون " أعداء " نصب . وقرأ الآخرون بالياء ورفعها وفتح الشين " أعداء " رفع أي : يجمع إلى النار ، ( فهم يوزعون ) يساقون ويدفعون إلى النار . وقال قتادة والسدي : يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا .

حَتَّىٰٓ إِذَا مَا جَآءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَٰرُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ ﴿20﴾

التفسير:

( حتى إذا ما جاءوها ) جاءوا النار ، ( شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم ) أي : بشراتهم . ( بما كانوا يعملون ) قال السدي وجماعة : المراد بالجلود الفروج . وقال مقاتل : تنطق جوارحهم بما كتمت الألسن من عملهم .

وَقَالُوا۟ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ۖ قَالُوٓا۟ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِىٓ أَنطَقَ كُلَّ شَىْءٍۢ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍۢ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿21﴾

التفسير:

( وقالوا ) يعني : الكفار الذين يحشرون إلى النار ، ( لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ) تم الكلام هاهنا . وقال الله تعالى : ( وهو خلقكم أول مرة ) وليس هذا من جواب الجلود ، ( وإليه ترجعون ) .

وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَآ أَبْصَٰرُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًۭا مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴿22﴾

التفسير:

( وما كنتم تستترون ) أي : تستخفون [ عند أكثر أهل العلم . وقال مجاهد : تتقون . وقال قتادة : تظنون . ( أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون ) .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا الحميدي ، أخبرنا سفيان ، أخبرنا منصور ، عن مجاهد ، عن أبي معمر ، عن عبد الله بن مسعود قال : اجتمع عند البيت ثقفيان وقرشي ، أو قرشيان وثقفي كثير شحم بطونهم ، قليل فقه قلوبهم ، فقال أحدهم : أترون أن الله يسمع ما نقول ؟ قال الآخر : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا . وقال الآخر : إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا ، فأنزل الله تعالى : " وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون " . قيل : الثقفي عبد ياليل ، وختناه القرشيان : ربيعة ، وصفوان بن أمية .

وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِى ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَىٰكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ ٱلْخَٰسِرِينَ ﴿23﴾

التفسير:

قوله تعالى : ( وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم ) أهلككم ، أي : ظنكم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون - أرداكم . قال ابن عباس : طرحكم في النار ، ( فأصبحتم من الخاسرين . ) ثم أخبر عن حالهم فقال :

فَإِن يَصْبِرُوا۟ فَٱلنَّارُ مَثْوًۭى لَّهُمْ ۖ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا۟ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ ﴿24﴾

التفسير:

( فإن يصبروا فالنار مثوى لهم ) مسكن لهم ، ( وإن يستعتبوا ) يسترضوا ويطلبوا العتبى ، ( فما هم من المعتبين ) المرضين ، والمعتب الذي قبل عتابه وأجيب إلى ما سأل . يقال : أعتبني فلان ، أي : أرضاني بعد إسخاطه إياي ، واستعتبته : طلبت منه أن يعتب أي : يرضى .

۞ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُوا۟ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِىٓ أُمَمٍۢ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ خَٰسِرِينَ ﴿25﴾

التفسير:

( وقيضنا لهم ) أي : بعثنا ووكلنا . وقال مقاتل : هيأنا . وقال الزجاج : سببنا لهم . ( قرناء ) نظراء من الشياطين حتى أضلوهم ، ( فزينوا لهم ما بين أيديهم ) من أمر الدنيا حتى آثروه على الآخرة ، ( وما خلفهم ) من أمر الآخرة فدعوهم إلى التكذيب به وإنكار البعث ، ( وحق عليهم القول في أمم ) [ مع أمم . ( قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ) .

وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لَا تَسْمَعُوا۟ لِهَٰذَا ٱلْقُرْءَانِ وَٱلْغَوْا۟ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴿26﴾

التفسير:

( وقال الذين كفروا ) من مشركي قريش ، ( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ) قال ابن عباس : يعني الغطوا فيه ، وكان بعضهم يوصي إلى بعض إذا رأيتم محمدا يقرأ فعارضوه بالرجز والشعر واللغو . قال مجاهد : والغوا فيه بالمكاء والصفير . وقال الضحاك : أكثروا الكلام فيختلط عليه ما يقول . وقال السدي : صيحوا في وجهه . ( لعلكم تغلبون ) محمدا على قراءته .

فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ عَذَابًۭا شَدِيدًۭا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِى كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ ﴿27﴾

التفسير:

( فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي ) يعني بأسوأ الذي ، أي : بأقبح الذي ، ( كانوا يعملون ) في الدنيا وهو الشرك بالله .

ذَٰلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ ٱللَّهِ ٱلنَّارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا دَارُ ٱلْخُلْدِ ۖ جَزَآءًۢ بِمَا كَانُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا يَجْحَدُونَ ﴿28﴾

التفسير:

( ذلك ) الذي ذكرت من العذاب الشديد ، ( جزاء أعداء الله ) ثم بين ذلك الجزاء فقال : ( النار ) أي : هو النار ، ( لهم فيها ) أي : في النار ، ( دار الخلد ) دار الإقامة لا انتقال منها ، ( جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون ) .

وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلْأَسْفَلِينَ ﴿29﴾

التفسير:

( وقال الذين كفروا ) أي : في النار يقولون : ( ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس ) يعنون إبليس وقابيل بن آدم الذي قتل أخاه ؛ لأنهما سنا المعصية . ( نجعلهما تحت أقدامنا ) في النار ، ( ليكونا من الأسفلين ) ليكونا في الدرك الأسفل من النار . قال ابن عباس : ليكونا أشد عذابا منا .

إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَٰمُوا۟ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا۟ وَلَا تَحْزَنُوا۟ وَأَبْشِرُوا۟ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴿30﴾

التفسير:

قوله عز وجل : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) سئل أبو بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - عن الاستقامة فقال : أن لا تشرك بالله شيئا . وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : " الاستقامة " أن تستقيم على الأمر والنهي ، ولا تروغ روغان الثعلب . وقال عثمان بن عفان - رضي الله عنه - : أخلصوا العمل لله . وقال علي - رضي الله عنه - : أدوا الفرائض . وقال ابن عباس : استقاموا على أداء الفرائض .وقال الحسن : استقاموا على أمر الله تعالى فعملوا بطاعته ، واجتنبوا معصيته .وقال مجاهد وعكرمة : استقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله حتى لحقوا بالله .وقال مقاتل : استقاموا على المعرفة ولم يرتدوا . وقال قتادة : كان الحسن إذا تلا هذه الآية قال : اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة .قوله عز وجل : ( تتنزل عليهم الملائكة ) قال ابن عباس : عند الموت . وقال قتادة ومقاتل : إذا قاموا من قبورهم . قال وكيع بن الجراح : البشرى تكون في ثلاث مواطن : عند الموت وفي القبر وعند البعث . ( ألا تخافوا ) من الموت . وقال مجاهد : لا تخافوا على ما تقدمون عليه من أمر الآخرة . ( ولا تحزنوا ) على ما خلفتم من أهل وولد ، فإنا نخلفكم في ذلك كله . وقال عطاء بن أبي رباح : لا تخافوا ولا تحزنوا على ذنوبكم فإني أغفرها لكم . ( وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ) .

نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلْءَاخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِىٓ أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ﴿31﴾

التفسير:

( نحن أولياؤكم ) تقول لهم الملائكة الذين تنزل عليهم بالبشارة : نحن أولياؤكم أنصاركم وأحباؤكم ، ( في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) [ أي : في الدنيا والآخرة . وقال السدي : تقول الملائكة : نحن الحفظة الذين كنا معكم في الدنيا ، ونحن أولياؤكم في الآخرة ] يقولون لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة . ( ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ) من الكرامات واللذات ، ( ولكم فيها ) في الجنة ، ( ما تدعون ) تتمنون .

نُزُلًۭا مِّنْ غَفُورٍۢ رَّحِيمٍۢ ﴿32﴾

التفسير:

" نزلاً "، رزقاً، " من غفور رحيم ".

وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًۭا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحًۭا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴿33﴾

التفسير:

قوله عز وجل : ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله ) إلى طاعته ، ( وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ) قال ابن سيرين [ والسدي وابن عباس : هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا إلى شهادة أن لا إله إلا الله . وقال الحسن : هو المؤمن الذي أجاب الله في دعوته ، ودعا الناس إلى ما أجاب إليه ، وعمل صالحا في إجابته ، وقال : إنني من المسلمين .وقالت عائشة : أرى هذه الآية نزلت في المؤذنين .وقال عكرمة : هو المؤذن . أبو أمامة الباهلي : " وعمل صالحا " صلى ركعتين بين الأذان والإقامة .وقال قيس بن أبي حازم : هو الصلاة بين الأذان والإقامة .أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي ، حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة ، حدثنا عبد الله بن زيد المقرئ ، حدثنا كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بين كل أذانين صلاة " ، ثلاث مرات ، ثم قال في الثالثة : " لمن شاء " .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ، حدثنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان عن زيد العمي عن أبي إياس معاوية بن قرة عن أنس بن مالك قال سفيان : لا أعلمه إلا وقد رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة " .

وَلَا تَسْتَوِى ٱلْحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُ ۚ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُۥ عَدَٰوَةٌۭ كَأَنَّهُۥ وَلِىٌّ حَمِيمٌۭ ﴿34﴾

التفسير:

قوله عز وجل : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ) قال الفراء : " لا " هاهنا صلة ، معناه : ولا تستوي الحسنة والسيئة - يعني - : الصبر والغضب ، والحلم والجهل ، والعفو والإساءة . ( ادفع بالتي هي أحسن ) قال ابن عباس : أمر بالصبر عند الغضب ، وبالحلم عند الجهل ، وبالعفو عند الإساءة . ( فإذا الذي بينك وبينه عداوة ) يعني : إذا فعلت ذلك خضع لك عدوك ، وصار الذي بينك وبينه عداوة ، ( كأنه ولي حميم ) كالصديق والقريب . قال مقاتل بن حيان : نزلت في أبي سفيان بن حرب ، وذلك أنه لان للمسلمين بعد شدة عداوته بالمصاهرة التي حصلت بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أسلم فصار وليا بالإسلام حميما بالقرابة .

وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُوا۟ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍۢ ﴿35﴾

التفسير:

( وما يلقاها ) ما يلقى هذه الخصلة وهي دفع السيئة بالحسنة ، ( إلا الذين صبروا ) على كظم الغيظ واحتمال المكروه ، ( وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) في الخير والثواب . وقال قتادة : " الحظ العظيم " الجنة ، أي : ما يلقاها إلا من وجبت له الجنة .

وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌۭ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ ۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ﴿36﴾

التفسير:

( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع ) لاستعاذتك وأقوالك ، ( العليم ) بأفعالك وأحوالك .

وَمِنْ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيْلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا۟ لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُوا۟ لِلَّهِ ٱلَّذِى خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴿37﴾

التفسير:

قوله عز وجل : ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن ) إنما قال : " خلقهن " بالتأنيث لأنه أجراها على طريق جمع التكسير ، ولم يجرها على طريق التغليب للمذكر على المؤنث . ( إن كنتم إياه تعبدون ) .

فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُوا۟ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُۥ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْـَٔمُونَ ۩ ﴿38﴾

التفسير:

( فإن استكبروا ) عن السجود ، ( فالذين عند ربك ) يعني الملائكة ( يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون ) لا يملون ولا يفترون .

وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنَّكَ تَرَى ٱلْأَرْضَ خَٰشِعَةًۭ فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ ٱلَّذِىٓ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰٓ ۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرٌ ﴿39﴾

التفسير:

( ومن آياته ) دلائل قدرته ، ( أنك ترى الأرض خاشعة ) يابسة غبراء لا نبات فيها ، ( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير ) .

إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىٓ ءَايَٰتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ ۗ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِى ٱلنَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِىٓ ءَامِنًۭا يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۚ ٱعْمَلُوا۟ مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُۥ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿40﴾

التفسير:

( إن الذين يلحدون في آياتنا ) يميلون عن الحق في أدلتنا . قال مجاهد : يلحدون في آياتنا بالمكاء والتصدية واللغو واللغط . قال قتادة : يكذبون في آياتنا . قال السدي : يعاندون ويشاقون .قال مقاتل : نزلت في أبي جهل .( لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار ) وهو أبو جهل ، ( خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة ) قيل : هو حمزة ، وقيل : عثمان . وقيل : عمار بن ياسر . ( اعملوا ما شئتم ) أمر تهديد ووعيد ، ( إنه بما تعملون بصير ) عالم فيجازيكم به .

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ ۖ وَإِنَّهُۥ لَكِتَٰبٌ عَزِيزٌۭ ﴿41﴾

التفسير:

( إن الذين كفروا بالذكر ) بالقرآن ، ( لما جاءهم ) ثم أخذ في وصف الذكر وترك جواب : " إن الذين كفروا " على تقدير : الذين كفروا بالذكر يجازون بكفرهم . وقيل : خبره قوله من بعد : " أولئك ينادون من مكان بعيد " . ( وإنه لكتاب عزيز ) قال الكلبي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : كريم على الله . قال قتادة : أعزه الله عز وجل عزا فلا يجد الباطل إليه سبيلا .

لَّا يَأْتِيهِ ٱلْبَٰطِلُ مِنۢ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِۦ ۖ تَنزِيلٌۭ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍۢ ﴿42﴾

التفسير:

وهو قوله : ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) قال قتادة والسدي : الباطل : هو الشيطان ، لا يستطيع أن يغيره أو يزيد فيه أو ينقص منه .قال الزجاج : معناه أنه محفوظ من أن ينقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه . وعلى هذا معنى : " الباطل " الزيادة والنقصان .وقال مقاتل : لا يأتيه التكذيب من الكتب التي قبله ، ولا يجيء من بعده كتاب فيبطله . . ( تنزيل من حكيم حميد ) ثم عزى نبيه - صلى الله عليه وسلم - على تكذيبهم

مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍۢ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍۢ ﴿43﴾

التفسير:

فقال : ( ما يقال لك ) من الأذى ، ( إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ) يقول : إنه قد قيل للأنبياء والرسل قبلك : ساحر ، كما يقال لك وكذبوا كما كذبت . ( إن ربك لذو مغفرة ) لمن تاب وآمن بك ( وذو عقاب أليم ) لمن أصر على التكذيب .

وَلَوْ جَعَلْنَٰهُ قُرْءَانًا أَعْجَمِيًّۭا لَّقَالُوا۟ لَوْلَا فُصِّلَتْ ءَايَٰتُهُۥٓ ۖ ءَا۬عْجَمِىٌّۭ وَعَرَبِىٌّۭ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ هُدًۭى وَشِفَآءٌۭ ۖ وَٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِىٓ ءَاذَانِهِمْ وَقْرٌۭ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍۭ بَعِيدٍۢ ﴿44﴾

التفسير:

( ولو جعلناه ) أي : جعلنا هذا الكتاب الذي تقرؤه على الناس ، ( قرآنا أعجميا ) بغير لغة العرب ، ( لقالوا لولا فصلت آياته ) هلا بينت آياته بالعربية حتى نفهمها . ( أأعجمي وعربي ) يعني : أكتاب أعجمي ورسول عربي ؟ وهذا استفهام على وجه الإنكار . أي : أنهم كانوا يقولون : المنزل عليه عربي والمنزل أعجمي .قال مقاتل : وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدخل على يسار غلام عامر بن الحضرمي ، وكان يهوديا أعجميا يكنى أبا فكيهة ، فقال المشركون : إنما يعلمه يسار فضربه سيده ، وقال : إنك تعلم محمدا ، فقال يسار : هو يعلمني ، فأنزل الله تعالى هذه الآية :( قل ) يا محمد ، ( هو ) يعني : القرآن ، ( للذين آمنوا هدى وشفاء ) هدى من الضلالة وشفاء لما في القلوب ، وقيل : شفاء من الأوجاع .( والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى ) قال قتادة : عموا عن القرآن وصموا عنه فلا ينتفعون به . ( أولئك ينادون من مكان بعيد ) أي : أنهم لا يسمعون ولا يفهمون كما أن من دعي من مكان بعيد لم يسمع ولم يفهم ، وهذا مثل لقلة انتفاعهم بما يوعظون به كأنهم ينادون من حيث لا يسمعون .

وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَٰبَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ ۗ وَلَوْلَا كَلِمَةٌۭ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَفِى شَكٍّۢ مِّنْهُ مُرِيبٍۢ ﴿45﴾

التفسير:

( ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ) فمصدق ومكذب كما اختلف قومك في كتابك ، ( ولولا كلمة سبقت من ربك ) في تأخير العذاب عن المكذبين بالقرآن ، ( لقضي بينهم ) لفرغ من عذابهم وعجل إهلاكهم ، ( وإنهم لفي شك منه ) من صدقك ، ( مريب ) موقع لهم الريبة .

مَّنْ عَمِلَ صَٰلِحًۭا فَلِنَفْسِهِۦ ۖ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٍۢ لِّلْعَبِيدِ ﴿46﴾

التفسير:

" من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها، وما ربك بظلام للعبيد ".

۞ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ ۚ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَٰتٍۢ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِۦ ۚ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآءِى قَالُوٓا۟ ءَاذَنَّٰكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍۢ ﴿47﴾

التفسير:

( إليه يرد علم الساعة ) أي : علمها إذا سئل عنها مردود إليه لا يعلمه غيره ، ( وما تخرج من ثمرات من أكمامها ) قرأ أهل المدينة والشام وحفص : " ثمرات " ، على الجمع ، وقرأ الآخرون " ثمرة " على التوحيد ، ( من أكمامها ) أوعيتها ، واحدها : كم . قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : يعني الكفرى قبل أن تنشق . ( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ) إلا بإذنه . يقول : يرد إليه علم الساعة كما يرد إليه علم الثمار والنتاج . ( ويوم يناديهم ) ينادي الله المشركين ، ( أين شركائي ) الذين كنتم تزعمون أنها آلهة ، ( قالوا ) يعني المشركين ، ( آذناك ) أعلمناك ، ( ما منا من شهيد ) أي : من شاهد بأن لك شريكا لما عاينوا العذاب تبرءوا من الأصنام .

وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا۟ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ ۖ وَظَنُّوا۟ مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍۢ ﴿48﴾

التفسير:

( وضل عنهم ما كانوا يدعون ) يعبدون ، ( من قبل ) في الدنيا ( وظنوا ) أيقنوا ، ( ما لهم من محيص ) مهرب .

لَّا يَسْـَٔمُ ٱلْإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَـُٔوسٌۭ قَنُوطٌۭ ﴿49﴾

التفسير:

( لا يسأم الإنسان ) لا يمل الكافر ، ( من دعاء الخير ) أي : لا يزال يسأل ربه الخير ، يعني المال والغنى والصحة ، ( وإن مسه الشر ) الشدة والفقر ، ( فيئوس ) من روح الله ، ( قنوط ) من رحمته .

وَلَئِنْ أَذَقْنَٰهُ رَحْمَةًۭ مِّنَّا مِنۢ بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَٰذَا لِى وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةًۭ وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّىٓ إِنَّ لِى عِندَهُۥ لَلْحُسْنَىٰ ۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بِمَا عَمِلُوا۟ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍۢ ﴿50﴾

التفسير:

( ولئن أذقناه رحمة منا ) آتيناه خيرا وعافية وغنى ، ( من بعد ضراء مسته ) من بعد شدة وبلاء أصابته ، ( ليقولن هذا لي ) أي : بعملي وأنا محقوق بهذا ، ( وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ) يقول هذا الكافر : لست على يقين من البعث ، فإن كان الأمر على ذلك ، ورددت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ، أي : الجنة ، أي : كما أعطاني في الدنيا سيعطيني في الآخرة . ( فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ) قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : لنقفنهم على مساوئ أعمالهم ، ( ولنذيقنهم من عذاب غليظ ) .

وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلْإِنسَٰنِ أَعْرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍۢ ﴿51﴾

التفسير:

( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض ) كثير والعرب تستعمل الطول والعرض في الكثرة ، فيقال : أطال فلان الكلام والدعاء وأعرض ، أي : أكثر .

قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِۦ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقٍۭ بَعِيدٍۢ ﴿52﴾

التفسير:

( قل أرأيتم إن كان ) هذا القرآن ، ( من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد ) خلاف للحق بعيد عنه ، أي : فلا أحد أضل منكم .

سَنُرِيهِمْ ءَايَٰتِنَا فِى ٱلْءَافَاقِ وَفِىٓ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ شَهِيدٌ ﴿53﴾

التفسير:

( سنريهم آياتنا في الآفاق ) قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : يعني منازل الأمم الخالية . ( وفي أنفسهم ) بالبلاء والأمراض .وقال قتادة : في الآفاق يعني : وقائع الله في الأمم ، وفي أنفسهم يوم بدر .وقال مجاهد ، والحسن ، والسدي : " في الآفاق " : ما يفتح من القرى على محمد - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين ، " وفي أنفسهم " : فتح مكة . ( حتى يتبين لهم أنه الحق ) يعني : دين الإسلام . وقيل : القرآن يتبين لهم أنه من عند الله . وقيل : محمد - صلى الله عليه وسلم - يتبين لهم أنه مؤيد من قبل الله تعالى .وقال عطاء وابن زيد : " في الآفاق " يعني : أقطار السماء والأرض من الشمس والقمر والنجوم والنبات والأشجار والأنهار . " وفي أنفسهم " من لطيف الصنعة وبديع الحكمة ، حتى يتبين لهم أنه الحق .( أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ) قال مقاتل : أولم يكف بربك شاهدا أن القرآن من الله تعالى . قال الزجاج : معنى الكفاية هاهنا : أن الله - عز وجل - قد بين من الدلائل ما فيه كفاية ، يعني : أولم يكف بربك ؛ لأنه على كل شيء شهيد ، شاهد لا يغيب عنه شيء .

أَلَآ إِنَّهُمْ فِى مِرْيَةٍۢ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ ۗ أَلَآ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَىْءٍۢ مُّحِيطٌۢ ﴿54﴾

التفسير:

( ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ) في شك من البعث ، ( ألا إنه بكل شيء محيط ) أحاط بكل شيء علما .

مشغل القرآن
لا يوجد سورة محددة

-

00:00 / 00:00
إحصائيات المنتدى
عدد المواضيع في المنتدى 1,424
عدد المشاركات في المنتدى 0
عدد الاعضاء في الموقع 9
المستخدمين المتصلين 0
آخر عضو مسجل Richard Edward
الأعضاء المتصلون
المجموع: 0 عضو متصل