بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ٱلْحَآقَّةُ ﴿1﴾
التفسير:
«الحاقة» القيامة التي يحق فيها ما أنكر من البعث والحساب والجزاء، أو المظهرة لذلك.
مَا ٱلْحَآقَّةُ ﴿2﴾
التفسير:
«ما الحاقة» تعظيم لشأنها، وهو مبتدأ وخبر الحاقة.
وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا ٱلْحَآقَّةُ ﴿3﴾
التفسير:
«وما أدراك» أعلمك «ما الحاقة» زيادة تعظيم لشأنها، فما الأولى مبتدأ وما بعدها خبره، وما الثانية وخبرها في محل المفعول الثاني لأدرى.
كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌۢ بِٱلْقَارِعَةِ ﴿4﴾
التفسير:
«كذبت ثمود وعاد بالقارعة» القيامة لأنها تقرع القلوب بأهوالها.
فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا۟ بِٱلطَّاغِيَةِ ﴿5﴾
التفسير:
«فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية» بالصيحة المجاوزة للحد في الشدة.
وَأَمَّا عَادٌۭ فَأُهْلِكُوا۟ بِرِيحٍۢ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍۢ ﴿6﴾
التفسير:
«وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر» شديدة الصوت «عاتية» قوية شديدة على عاد مع قوتهم وشدتهم.
سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍۢ وَثَمَٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًۭا فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍۢ ﴿7﴾
التفسير:
«سخرها» أرسلها بالقهر «عليهم سبع ليال وثمانية أيام» أولها من صبح يوم الأربعاء لثمان بقين من شوال، وكانت في عجز الشتاء «حسوما» متتابعات شبهت بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكي على الداء كرة بعد أخرى حتى ينحسم «فترى القوم فيها صرعى» مطروحين هالكين «كأنهم أعجاز» أصول «نخل خاوية» ساقطة فارغة.
فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّنۢ بَاقِيَةٍۢ ﴿8﴾
التفسير:
«فهل ترى لهم من باقية» صفة نفس مقدرة أو التاء للمبالغة، أي باق؟ لا.
وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُۥ وَٱلْمُؤْتَفِكَٰتُ بِٱلْخَاطِئَةِ ﴿9﴾
التفسير:
«وجاء فرعون ومن قبَلَهُ» أتباعه، وفي قراءة بفتح القاف وسكون الباء، أي من تقدمه من الأمم الكافرة «والمؤتفكات» أي أهلها وهي قرى قوم لوط «بالخاطئة» بالفعلات ذات الخطأ.
فَعَصَوْا۟ رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةًۭ رَّابِيَةً ﴿10﴾
التفسير:
«فعصوْا رسول ربهم» أي لوطا وغيره «فأخذهم أخذة رابية» زائدة في الشدة على غيرها.
إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَٰكُمْ فِى ٱلْجَارِيَةِ ﴿11﴾
التفسير:
«إنا لما طغا الماء» علا فوق كل شيء من الجبال وغيرها زمن الطوفان «حملناكم» يعني آباءكم إذ أنتم في أصلابهم «في الجارية» السفينة التي عملها نوح ونجا هو ومن كان معه فيها وغرق الاخرون.
لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةًۭ وَتَعِيَهَآ أُذُنٌۭ وَٰعِيَةٌۭ ﴿12﴾
التفسير:
«لنجعلها» أي هذه الفعلة وهي إنجاء المؤمنين وإهلاك الكافرين «لكم تذكرة» عظة «وتعيها» ولتحفظها «أذن واعية» حافظة لما تسمع.
فَإِذَا نُفِخَ فِى ٱلصُّورِ نَفْخَةٌۭ وَٰحِدَةٌۭ ﴿13﴾
التفسير:
«فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة» للفصل بين الخلائق وهي الثانية.
وَحُمِلَتِ ٱلْأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةًۭ وَٰحِدَةًۭ ﴿14﴾
التفسير:
«وحُملت» رفعت «الأرض والجبال فدكتا» دقتا «دكة واحدة».
فَيَوْمَئِذٍۢ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ ﴿15﴾
التفسير:
«فيومئذ وقعت الواقعة» قامت القيامة.
وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِىَ يَوْمَئِذٍۢ وَاهِيَةٌۭ ﴿16﴾
التفسير:
«وانشقت السماء فهي يومئذ واهية» ضعيفة.
وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰٓ أَرْجَآئِهَا ۚ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍۢ ثَمَٰنِيَةٌۭ ﴿17﴾
التفسير:
«والملك» يعني: الملائكة «على أرجائها» جوانب السماء «ويحمل عرش ربك فوقهم» أي الملائكة المذكورين «يومئذ ثمانية» من الملائكة أو من صفوفهم.
يَوْمَئِذٍۢ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌۭ ﴿18﴾
التفسير:
«يومئذ تعرضون» للحساب «لا تخفى» بالتاء والياء «منكم خافية» من السرائر.
فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُوا۟ كِتَٰبِيَهْ ﴿19﴾
التفسير:
«فأما من أوتيَ كتابه بيمينه فيقول» خطابا لجماعته لما سر به «هاؤمُ» خذوا «اقرؤوا كتابيه» تنازع فيه هاؤم واقرءُوا.
إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلَٰقٍ حِسَابِيَهْ ﴿20﴾
التفسير:
«إني ظننت» تيقنت «أني ملاق حسابيه».
فَهُوَ فِى عِيشَةٍۢ رَّاضِيَةٍۢ ﴿21﴾
التفسير:
«فهو في عيشة راضية» مرضية.
فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍۢ ﴿22﴾
التفسير:
«في جنة عالية».
قُطُوفُهَا دَانِيَةٌۭ ﴿23﴾
التفسير:
«قطوفها» ثمارها «دانية» قريبة يتناولها القائم والقاعد والمضطجع.
كُلُوا۟ وَٱشْرَبُوا۟ هَنِيٓـًٔۢا بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِى ٱلْأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ ﴿24﴾
التفسير:
فيقال لهم «كلوا واشربوا هنيئا» حال، أي متهنئين «بما أسلفتم في الأيام الخالية» الماضية في الدنيا.
وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَٰبَهُۥ بِشِمَالِهِۦ فَيَقُولُ يَٰلَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ ﴿25﴾
التفسير:
«وأما من أوتيَ كتابه بشماله فيقول يا» للتنبيه «ليتني لم أوت كتابيه».
وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ﴿26﴾
التفسير:
«ولم أدر ما حسابيه».
يَٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ ﴿27﴾
التفسير:
«يا ليتها» أي الموتة في الدنيا «كانت القاضية» القاطعة لحياتي بأن لا أبعث.
مَآ أَغْنَىٰ عَنِّى مَالِيَهْ ۜ ﴿28﴾
التفسير:
«ما أغنى عني مالية».
هَلَكَ عَنِّى سُلْطَٰنِيَهْ ﴿29﴾
التفسير:
«هلك عني سلطانيه» قوتي وحجتي وهاء كتابيه وحسابيه وماليه وسلطانيه للسكت تثبت وقفا ووصلا اتباعا للمصحف الإمام والنقل، ومنهم من حذفها وصلا.
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ﴿30﴾
التفسير:
«خذوه» خطاب لخزنة جهنم «فغلوه» اجمعوا يديه إلى عنقه في الغل.
ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ ﴿31﴾
التفسير:
«ثم الجحيم» النار المحرقة «صلُّوه» ادخلوه.
ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍۢ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًۭا فَٱسْلُكُوهُ ﴿32﴾
التفسير:
«ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا» بذراع الملك «فاسلكوه» أدخلوه فيها بعد إدخاله النار ولم تمنع الفاء من تعلق الفعل بالظرف المتقدم.
إِنَّهُۥ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ ﴿33﴾
التفسير:
«إنه كان لا يؤمن بالله العظيم».
وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ ﴿34﴾
التفسير:
«ولا يحض على طعام المسكين».
فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَٰهُنَا حَمِيمٌۭ ﴿35﴾
التفسير:
«فليس له اليوم ههنا حميم» قريب ينتفع به.
وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍۢ ﴿36﴾
التفسير:
«ولا طعام إلا من غسلين» صديد أهل النار أو شجر فيها.
لَّا يَأْكُلُهُۥٓ إِلَّا ٱلْخَٰطِـُٔونَ ﴿37﴾
التفسير:
«لا يأكله إلا الخاطئون» الكافرون.
فَلَآ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ ﴿38﴾
التفسير:
«فلا» زائدة «أقسم بما تبصرون» من المخلوقات.
وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ﴿39﴾
التفسير:
«وما لا تبصرون» منها، أي بكل مخلوق.
إِنَّهُۥ لَقَوْلُ رَسُولٍۢ كَرِيمٍۢ ﴿40﴾
التفسير:
«إنه» أي القرآن «لقول رسول كريم» أي قاله رسالة عن الله تعالى.
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍۢ ۚ قَلِيلًۭا مَّا تُؤْمِنُونَ ﴿41﴾
التفسير:
«وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون».
وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍۢ ۚ قَلِيلًۭا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴿42﴾
التفسير:
«ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون» بالتاء والياء في الفعلين وما مزيدة مؤكدة والمعنى أنهم آمنوا بأشياء يسيرة وتذكروها مما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من الخير والصلة والعفاف فلم تغن عنهم شيئا.
تَنزِيلٌۭ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴿43﴾
التفسير:
بل هو «تنزيل من رب العالمين».
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلْأَقَاوِيلِ ﴿44﴾
التفسير:
«ولو تقوَّل» أي النبي «علينا بعض الأقاويل» بأن قال عنا ما لم نقله.
لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ ﴿45﴾
التفسير:
«لأخذنا» لنلنا «منه» عقابا «باليمين» بالقوة والقدرة.
ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ ﴿46﴾
التفسير:
«ثم لقطعنا منه الوتين» نياط القلب وهو عرق متصل به إذا انقطع مات صاحبه.
فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَٰجِزِينَ ﴿47﴾
التفسير:
«فما منكم من أحد» هو اسم ما ومن زائدة لتأكيد النفي ومنكم حال من أحد «عنه حاجزين» مانعين خبر ما وجمع لان أحدا في سياق النفي بمعنى الجمع وضمير عنه للنبي صلى الله عليه وسلم، أي لا مانع لنا عنه من حيث العقاب.
وَإِنَّهُۥ لَتَذْكِرَةٌۭ لِّلْمُتَّقِينَ ﴿48﴾
التفسير:
«وإنه» أي القرآن «لتذكرة للمتقين».
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ ﴿49﴾
التفسير:
«وإنا لنعلم أن منكم» أيها الناس «مكذبين» بالقرآن ومصدقين.
وَإِنَّهُۥ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ ﴿50﴾
التفسير:
«وإنه» أي القرآن «لحسرة على الكافرين» إذا رأوا ثواب المصدقين وعقاب المكذبين به.
وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ ﴿51﴾
التفسير:
«وإنه» أي القرآن «لحق اليقين» أي اليقين الحق.
فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ ﴿52﴾
التفسير:
«فسبح» نزه «باسم» الباء زائدة «ربك العظيم» سبحانه.
-